أخبار العالم

الأول من مايو… عيد بلا فرحة في وطن أنهكته الحرب

✍🏻 بقلم الصحفي / أحمد السريحي

بينما يحتفل العالم في الأول من مايو من كل عام بعيد العمال حيث تُرفع فيه الشعارات وتُستعرض فيه الإنجازات وتُجدَّد المطالب بتحسين أوضاع الطبقة الكادحة تمر هذه المناسبة في اليمن وسط صمت ثقيل وواقع مأساوي يعيشه ملايين العمال في ظل حرب مستمرة منذ أكثر من تسع سنوات دمّرت الاقتصاد ومزّقت مؤسسات الدولة ودفعت بالعمال نحو شفير الفقر والبؤس

منذ اندلاع الحرب في العام 2015 لم تعد الحياة بالنسبة للعمال في اليمن سوى معركة يومية للبقاء توقّف الإنتاج وتعطلت المصانع وتهالكت البنية التحتية وأُغلقت آلاف الشركات أما العامل اليمني فبات يتنقل بين البطالة والغلاء بلا راتب منتظم ولا ضمان اجتماعي ولا حقوق مهنية

في القطاع العام توقفت المرتبات منذ سنوات في مناطق الحكومة الشرعية بينما تأخرت أو انقطعت في مناطق سيطرة جماعة الحوثي أما القطاع الخاص فلم يكن بأفضل حال إذ اضطر كثير من أصحاب الأعمال إلى تقليص العمالة أو إغلاق منشآتهم بالكامل

الأرقام التي كشفت عنها تقارير نقابية مؤلمة أكثر من 5 ملايين عامل فقدوا وظائفهم بسبب الحرب لترتفع معدلات البطالة إلى نحو 65%، والفقر إلى ما يقارب 80% ويعيش قرابة 600 ألف موظف حكومي في ظروف معيشية قاسية نتيجة انقطاع رواتبهم وهو ما انعكس سلبًا على معيشة أكثر من 5 ملايين فرد من أسرهم كما يقدّر عدد العاملين بالأجر اليومي بنحو 8 ملايين شخص أصبح معظمهم عاطلين عن العمل وقد انضموا قسرًا إلى قائمة الفقراء

في ظل انعدام فرص العمل لم يجد كثير من اليمنيين خيارًا سوى التوجه نحو المساعدات الإنسانية أو الأعمال المؤقتة غير المستقرة البعض لجأ إلى مهن شاقة وبأجور زهيدة وآخرون تورّطوا في جبهات القتال مدفوعين بضيق الحال وانسداد الأفق في مشهد يلخص ببؤس كيف تحوّل العامل اليمني من عنصر إنتاج إلى ضحية صراع

أما النقابات العمالية فقد غابت أو تم تحييدها بفعل الاستقطاب السياسي ما أفقد العمال صوتهم وأضعف قدرتهم على الدفاع عن حقوقهم وسط قمع الحريات وتلاشي الدولة

وهكذا لم يعد الأول من مايو سوى مناسبة رمزية تمر على الأغلبية في صمت لا احتفالات لا مسيرات لا بيانات بل مجرد ذكرى تُطوى سريعًا تحت ركام الأزمات بينما لا يزال العامل اليمني يحلم بأجر يكفي قوته وسلام يعيد له كرامته

ورغم كل هذا الظلام يبقى الأمل حاضرًا في أن يأتي يوم يتحول فيه عيد العمال في اليمن إلى عيد حقيقي يُحتفل فيه بالكرامة والعدالة والحق في حياة تليق بمن يصنعون الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى